إن أفلام الكرتون والرسوم المتحركة الموجهة للأطفال تصبح خطرًا حقيقيّا حينما تخرج عن سياقها الحضاري الذي نشأت فيه .
وتتحول إلى سموم قاتلة. ووجه الخطر في هذا الأمر أن المرسِل والرسالة يحافظان على جوهرهما، ويتغير المرسَل إليه، وهو هنا الطفل ، ليكون ابن حضارة مغايرة ، يتلقى رسالة غريبة من مرسل غريب عنه، ويحاول هضمها في إطار خصوصيته وهويته، فتصبح الرسالة في هذه الحالة مثل الدواء الذي صنع لداء معين، ويتم تناوله لدفع داء آخر، فتصبح النتيجة داءً جديدًا.
ولنا أن نتصور حجم الأذى والسلبيات التي تنتج عن أفلام الكرتون المستوردة والمدبلجة على الطفل المسلم الذي يتأثر بها . فمثل هذه الأفلام تجعل الطفل المسلم يتلقى قيما وعادات وأفكارًا غريبة عن البيئة والثقافة العربية الإسلامية التي يعيش في كنفها، لكنه يتعامل معها ببراءته المعهودة المستسلمة، فتنمو لديه دوافع نفسية متناقضة، بين ما يتلقاه على شاشة التل! فزيون، وما يعيشه داخل الأسرة والبيئة والمجتمع، فيكون ذلك بداية الانحراف والوعي غير السوي. فالطفل في سنواته الأولى يكون قابلا لتقبل أي شيء يقدم له، لأنه يعيش مرحلة التعرف ، ويبدأ خطواته الأولى في الإحساس بما يلمسه أو يراه أو يسمعه، ويتأثرـ بشكل ملحوظ ـ بما يحيط به من مؤثرات ثقافية مسموعة أو مرئية أو مقروءة، فيتفاعل معها بتلقائية ويسير في نسقها، حتى يصبح من الصعب التخلص كليّا أو جزئيّا من آثارها السلبية على شخصيته ونموه ووعيه. ومن العوامل المعيقة لنمو شخصية الطفل نموًّا طبيعيّا سليما الإعلام الفاسد والإدمان المستمر عليه .
ويلعب إعلام الطفل المستورد دورًا خطيرًا في تنشئة الطفل التنشئة الاجتماعية والثقافية المنحرفة، فكثير من أفلام الكرتون تحوي مشاهد مخلة بالحياء وهادمة للقيم الدينية السوية ومتعارضة مع الهوية الحضارية للطفل المسلم، تسعى إلى إقناعه بأنها هي القيم الحقيقية السائدة في الواقع، والانعكاس الأمين لما عليه المجتمع، وإعداد وترويض الطفل مبكرًا للتعايش معها في كبره. ونحن نعلم أن كثيرًا من هذه الأفلام موجهة بالأساس إلى أطفال العالم الثالث وأبناء المسلمين، وتتضمن دعوات مشب! وهة ومبطنة إلى الإلحاد والتبشير والدعاية للمجتمع الغربي وثقافته، من خلال تمجيد القوة والنمط الاستهلاكي في العيش والمنفعة الخاصة.